close
قصص منوعة

ليست مجرد قصة ! فأما اليتيم فلا تقهر

وعدد من فرّاشى المدرسة يحيطون بى من كل جانب كما يحيط رجال الشرطة بمـوّزع المخ.درات ،

ثم يطبقون علىّ ويخطفون الحقيبة من يدى فتنفرط وتقع جميع الساندوتشات على الأرض ! وتجّمع التلاميذ حولى فشعرت بمهانة كبيرة لم أشعر بها من قبل فى حياتى رغم شقائها وانفجرت فى البكاء بغير وعى واستسلمت لهم ودفعونى إلى حجرة مدير المدرسة ،

وقبل أن أصل إليها جاءتنى رحمة الله وعطفه باليتامى أمثالى فقد سمع الأخصائى الإجتماعى بالمدرسة أصواتنا وجاء مهرولاً إلينا وأمر فرّاشى المدرسة بأن يتركونى وأخذنى معه إلى حجرته واستـمع إلىّ جيداً ..

والله يا أخى لقد رأيت الدموع تفر من عينه تأثراً بما سمع من قـصتى ومأساتى، وهذا من رحمة ربى بى أن قيّض لى إنساناً رحيم القلب ذو إحســــاس مرهف ،

فقد وقف بجانبى وذهب معى إلى مدير المدرسة وعرض عليه الموضوع كله بمنتهى الأمانة والموضوعية ، فأصدر المدير قراراً بتعيينى بمقصف المدرسة لإعداد الساندوتشات للطلبة فى الفترة الثانية بأجر يومى قدره جنيهان ونصـف ! هكذا يا صاحبى وجدت الأمان والرزق فدعوت للأخصائى الإجتماعى ومـدير المدرسة أن يجزيهما الله خير الجزاء على ما فعلاه معى ،

وتحسّنت أحوالى كثيراً بل وواصل الأستاذان مساعدتى ومؤازرتى فى كل مشاكلى ، ولأول مرة استطعت شراء زياً مدرسياً جديداً بدلاً من الزى المهلهل الذى كنت أرتديه بإستمرار منذ عامين ،وانتهت دراستى وحصلت على شهادتى المتوسطة ،لكن المشكلة الكبرى التى تقابلنى حالياً هى صعوبة بل إستحالة الحصول على عمل !

وماذا يفعل يتيم مثلى لا أب له ولا أم تحنو عليه ؟! فنحن يتامى الحياة ينشغل عنـّا المجتمع وأطلق الناس علينا مؤخراً (أولاد الشوارع) وكأننا حشرات قاتلة أو جراثيم معدية يخشى منها الجميع !!

وهكذا نرى أن أطفال الشوارع فئة من المجتمع عاشت وما زالت تعيش مظلومة من الجميع ، والله لقد تمزق قلبى تأثراً بمأساة صديقى عبدالغفور ، وقلت له هوّن عليك يا أخى وأعلم بأن الله معك وهو معك دائماً ،

تذّكر ذلك عندما هيّأ لك المولى فى زحام الحياة عم أيوب ذلك العجوز الطيب الذى وجدك يتيماً فأواك ، أنت يا صاحبى من يتامى الحياة الذين قال عنهم أمير الشعراء أحمدبك شوقى :

 

الصفحة السابقة 1 2 3

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى