close
منوعات

ذهبت إلى المسجد ذات يوم الأصلي العصر

إذا وجدت صعوبة في الحفظ فإفهم الآيات أولا ثم حاول الحفظ ثانية .. فحفظ الآيات بمثابة قفل لبابٍ ضخم يفصل بينك وبين الجنة حاول فتح هذا القفل بأي مفتاح على قدر إستطاعتك .. وسيفتح الباب

نظرت إلى الطفل ثانية وهو يضغط على إصبعه من الخجل فتبسمت وهمست له : دعك من الحفظ یا فتی .. هل تعرف ماذا تعني هذه الآيات وماذا يقصد بها الله !

أخذت أشرح للفتى الآيات حتى انتهيت من الشرح ورددت السورة مرتين وهو يردد خلفي ثم طلبت منه أن يقولها بمفرده ..
فقال بعض الآيات وعندما يشق عليه قول آية أو لا يتذكرها يبتسم ويقول لي : هل أخبرك بقصتها ؟

وبعد عدة محاولات حفظ الطفل السورة ، حفظها كحفظه السورة الإخلاص .
جاء الشيخ وجاء الأطفال فاستأذن الطفل مني ليذهب إليه ، فقلت له يا فتى هل أخبرك بشيء تضعه نصب عينيك !؟ إبتسم وقال لي : أجل ..

مسكت يد الطفل وقبلتها ثم قلت : سيأتي يوما يقال لك : يافلان هلم .. فتذهب ، فتسمع ضجيج حفظة القرآن ويطلب منك أن ترتل ، والله وملائكته سیستمعون إليك ..
ألا تشتاق لترتل أمام الله ويقول لك رتل سورة كذا !

ثم ربت على كتفه وهمست له بعبارات وددت لو قالها أحد لي منذُ الصغر :

-أنت الآن تُعدّ وتُجهز لترتل أمام الله فلا تمل ولا تكل ولا تيأس ولا تشتكي من ضعف حيلتك فكل عالم تاركاً للقرآن جاهل ..
ستكبر وتكون حاملاً لكتاب الله وستكون مميزاً في الدنيا عندما تكون إماما بالناس .. يرتعد صوتك خشوعا أثناء تلاوتك .

وستجد نفسك في الآخرة مميزاً ومُكرماً أمام السفرة الكرام البررة وليكرمنَّ الله أهل القرآن ، فالقرآن كلامه ، و ما أحب الله أحداً كحبه لأهل القرآن ..

ووالله لن يعذب الله بالنار لساناً تلا القرآن ، ولا قلباً وعاه ، ولا أذناً سمعته ، ولا عينا نظرت إلى آياته .. هنيئا لك زهرة شبابك التي نشأت في ظل آيات الله … وقبلت رأسه ثم قلت له :

الآن اذهب إلى شيخك ورتل وكأنك رتل في ظل عرش الرحمن والله يستمع إليك .. أنا أثق أنك تستطيع .
– ذهب الطفل إلى شيخه ، وكنت أراه كل يوم وأحفظه في المسجد حتى يأتي شيخه ، وبعد شهرين ودعته لإنني انتقلت إلى سكن آخر ، ولم أره منذ ذلك اليوم وعلمت بعدها أن شيخه أيضا انتقل ليحفظ في مسجد أخر ..

-وبعد سبع سنوات خرجت من عملي وركبت السيارة فوقف السائق أمام مسجد لنصلي المغرب .. دخلت المسجد وذهبت لأصلي حتى رأيت شابا وجهه كقطعة من القمر يردد :
( سوُّوا صفوفكم فإن تسويةَ الصفوفِ من إقامةِ الصلاۃ )

كانت ملامح الشاب ملامح أعرفها جيداً لكنني لا أتذكر أين رأيته .. كان صوته كصوت الكروان ، صوت يتنفس في صدر يعقوب ليعطيه الأمل ، ويبث البشرى في قلب أم موسی بعودة طفلها ، صوت يبشر زکریا بیحیی …♥️

لو كنا خارج الصلاة لطلبتُ منه أن يكثر في التلاوة لأسمعه فتلاوته كانت بمثابة الدواء لقلبي ، فاكتفيت أن أذكر إسمه في سجودي وقلت : “اللهم زدهُ”

انتهت الصلاة وجلست لأردد أذكار ما بعد الصلاة حتى رأيت الشاب يجلس أمامي ويقبل رأسي ويقول : اشهد لك يوم القيامة أمام الله القيامة أمام الله أنك كنت سبب ما أنا عليه الأن …

فهممت لأقول له من أنت یا فتی !؟ فقطع ذلك صوته الذي كان يبتسم من شدة الفرحة وهو يقول :
یا عمي ، هل لك أن تقرأني مرة أو أكثر حتى أحفظ السورة جیداً ، فوالدي يئس من قلة تركيزي وضعف حيلتي .. وابتسم وعيناه تذرف الدمع ، ثم قال : هل تذكرتني الآن ! ثم قام و احتضنني ،

وقال : لقد ختمت القرآن وأخذت الإجازة والآن أصبحت أنا المُحفّظ .. هنيئاً لك يا عمي تاج الكرامة ..
عاملتني بحُب واحتضنت قلبي بلطف قلبك، وجعلت القرآن أحب الأشياء إلي دون أن تشعر بذلك ، كنت آتي إليك ضعيفاً فترمم ضعف حيلتي . فهنيئاً لك الجنان بأجر ما حفظت وأجر من أُحفظ

ياعمي .. شكراً لأنك وثقت بي عندما
أقرَّ الجميع أنني لا أستطيع .

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى