close
أخبار سوريا

شاب سوري من ذوي الاحتياجات يبهر محيطه رغم تخلي والديه عنه وهو طفل !!!

شاب سوري من ذوي الاحتياجات يبهر محيطه رغم تخلي والديه عنه وهو طفل !!!

يضغط أحمد ديب (19 عاماً) بيده على دارة تشغيل آلة الخياطة المثبتة على طاولة، ولا شيء يشغله على كرسيه الآن سوى اتقان ما ينجزه من عمل في ورشة بحي الصناعة في إدلب شمال غربي سوريا .

وتمكن الشاب النازح من مدينة معرة النعمان أخيراً من الحصول على مهارة تمنحه ثقة وراحة رغم كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبعيداً عن معتقدات وتقاليد مجتمعية تسببت له معظم أعوامه السابقة بمشاعر مؤلمة.

يعيش أحمد مع جده وجدته في حي الثورة بالمدينة، ويعتمد على عمله في تأمين احتياجاته.

ويتنقل من مكان إلى آخر بواسطة كرسي متحرك يعمل على الطاقة الشمسية ويوصله لعمله في ورشة الخياطة، “أحتاج يومياً لأكثر من ساعة للوصول إلى عملي والعودة إلى المنزل .”

ويعمل الشاب في الحياكة بينما يقوم زملاء له بتفصيل النماذج وقص الأقمشة في ورشة لإنتاج الألبسة الرجالية.

بكاء بصمت

بدأت القصة بزواج الأقارب الذي لا تتوفر أي احصائيات دقيقة حول نسبته في المدن والأرياف السورية، إلا أن الدراسات تجمع على استمرار وجوده.

أثمر الزواج عن طفل بلا قدمين مع تشوه في اليدين، لكن تخلي والديه عنه كان ألماً آخر في طفولته المبكرة.

انفصل الوالد عن ابنة عمه، وتخلى بذلك عن طفله الذي كان يحتاج أكثر من أقرانه لرعاية ومحبة يشق بهما طريقه في منطقة أنهكتها لاحقاً الحرب وأزماتها.

الأم التي بقيت بلا معيل توجهت لمنزل أهلها حاملة رضيعها، لكنها تركته هناك حين تزوجت هي الأخرى، ليتولى الجد والجدة المسنان رعايته وتعليمه مهنة الخياطة لاحقاً.

يقول أحمد لنورث برس: “لا أذكر كل شيء، يقولون إن حزني برز في سن الرابعة حين شعرت باختلافي عن بقية الأطفال لعدم قدرتي على مجاراتهم في المشي واللعب.”

ويتذكر أن مشهد ركض الأطفال أثّر بعمق فيه، “كنت أراقب أقدامهم كيف تتحرك”.

ويضيف: “لكن نظرات وعبارات الشفقة كانت تؤلمني أكثر من حالتي، كثيراً ما دخلت المنزل لأبكي بصمت.”

تجاوز عقبات

المواقف التي تعرض لها الطفل منعته من التوجه لمدرسة أو التفاعل مع أطفال آخرين في محيطه، ورغم تكوينه بعض الصداقات في معرة النعمان، إلا أن الأمر لم يكن يخلو من مواقف تنمر أو شفقة.

يقول إن نزوحه مع جده وجدته من المدينة قبل ثلاثة أعوام، جعله يخسر أصدقاءه في الحي أيضاً.

ومطلع العام 2020، استعادت قوات الحكومة السورية بدعم روسي السيطرة على معرة النعمان ومناطق أخرى جنوب إدلب وشمال حماة.

وقرر الجد الذي خبر الحياة وقساوتها، لا سيما بعد الحرب والنزوح، تعليم الفتى مهنة تعينه لتوفير حياة كريمة.

لم تبقَ صعوبات استخدام أدوات الخياطة دون أطراف سليمة عوائق دون حل، فيوماً بعد آخر ازدادت مهارته ما أدخل السرور لقلب جده.

“وجدت صعوبة في تعويد يديّ على استخدام آلة الخياطة، لكن بالتدرب والممارسة تمكنت من إتقان الحركات والمهارات.”

ورغم أن تعلم المهنة بدأ يشعل الثقة في نفسه، يقول أحمد إن مسألة التصالح مع حالته و”الرضى بالقدر” كان أبرز تحد واجهه لترسيخ الثقة بالنفس والتقليل من المشاعر السلبية.

“لم يكن من السهل التمردعلى واقعي وتخطي مشكلتي الجسدية والتأقلم معها، الخوف والخجل ونظرات كل من يراني كانت عقبات أمام تعلمي”.

تسامح وطموح

وقبل عامين، زار أحمد والده المريض بالسرطان وأخبره أنه سامحه متمنياً له الشفاء، لكنه الأب لم يتمكن من مقاومة المرض ففارق الحياة.

والتحق الشاب مؤخراً بنادٍ رياضي لتقوية يديه والترويح عن نفسه، كما يتنزه في حديقة الجلاء القريبة حين يكون الطقس مساعداً.

يرغب في توفر ظروف تمكّنه من تعلم القراءة والكتابة ولو متأخراً.

ويتمنى الحصول على أطراف صناعية يتمكن بها من الوقوف والمشي، لكنه لا يستطيع توفير تكاليفها من مردود عمله.

“زرت مركز تركيب الأطراف في مدينة الدانا، أخبروني أن من الصعب تركيبها هناك لمثل حالتي”.

وفي الثالثة عصراً، يصل الشاب إلى منزله، فتستقبله الجدة بفرح وعبارات حانية.

تقول إن حفيدها “لم يسمح للإعاقة أن تدمر آماله في مستقبل أفضل”، وتصفه: “شاب مؤمن بقضاء الله وموقن بأن حالته أفضل من غيره بكثير .”

ويبدو الخياط الشاب ممتناً لجده الذي لم يتخلَّ عنه وساعده حتى بدأ العمل بها في إحدى الورشات في المدينة.

“أنا سعيد، لأنني أمضي معظم وقتي في العمل بعيداً عن الناس ورسائلهم السلبية.”

يريد أحمد أن يفهم الآخرون أن نظرات الشفقة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة “قد تقتل كل أمل وطموح في القلب “….يقول إنه لا يحب أن يشعر أي شخص باليأس.

نورث برس

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى